الحجاب الحاجز: السبب “الخفي” لآلام وعلاج أسفل الظهر

من الممكن القول بأن الحجاب الحاجز هو أهم عضلة في الإنسان, أنا أقول هذا لأنه “وكما تعرفون” أنه العضلة التي تخفّض الضغط في التجويف الصدري (بالإضافة إلى العضلات الواقعة بين الأضلاع) فيسبب بذلك إجبار الهواء على الدخول إلى الرئتين. وبذلك يكون هو ما يسمح لنا بالتنفس. يقع الحجاب الحاجز في الجزء الأسفل من القفص الصدري ويرتبط بآخر ست أضلع منه وبالنتؤ السيفي في أسفل عظمة القص وبأول ثلاث فقرات قطنية (L1, L2, and L3). بالأضافة إلى وجود ارتباط بينه وبين عضلتين رئيسيتين في أسفل الظهر والحوض, هما العضلة الأربية (Psoas) والتي تعتبر الثانية الرئيسية للورك (Hip) والمربعة القطنية (Quadratus Lumborum “QL”) والتي تعمل كمثبت للقفص الصدري والحوض. هذا الارتباط بالعضلتين السابقتين والفقرات القطنية يكشف ويحل الخلل في مفتاح تخفيف آلام أسفل الظهر والذي هو الحجاب الحاجز.

من السهل على المعالج تقييم الخلل في الحجاب الحاجز, وأسهل طريقة لفحص ذلك بأن يضع يديه على ظهر أسفل القفص الصدري والإبهامين في المنتصف على جانبي العمود الفقري, والأصابع الأربعة الباقية على الجانبين. بعد ذلك يطلب من المريض أن يأخذ نفساً عميقاً بينما يلاحظ المعالج التطابق في الحركة بين يديه. وعندما يكون هناك خلل ذو أهمية في الحجاب الحاجز ستبتعد أحد اليدين عن العمود الفقري أكثر من الأخرى, ومرة أخرى “هذه الطريقة الأبسط”.

من القرائن الأخرى التي قد تدل على خلل في الحجاب الحاجز مثل أن يلاحظ عند مشي المريض بأن قدماً تذهب خارجاً بالنسبة إلى الأخرى خلال هيئة المشي أو خلال التحليل الوضعي الثابت (Static Postural Analysis) مما قد يدل على خلل محتمل في العضلة الأربية (Psoas). أو أن يمشي المريض أو يقف بوضع يكون فيه الجزء الأعلى من الجسم مائلاً لأحد الجانبين مما قد يدل على خلل محتمل في العضلة المربعة القطنية (QL). بالأضافة إلى ملاحظة أن المريض يتنفس الصعداء ويتنهد بشكل متكرر بسبب الصعوبة في التنفس و/أو قصر النفس.

والآن, لقد تعرفنا على الأعراض والقرائن, سأناقش المناطق المحتملة التي قد نحتاج علاجها.

لنكون شموليين في طريقة العلاج (بالأقل على المستوى البنائي), يجب على المعالجين تقييم كامل الجسم, ويجب عليهم البدء بالتقييم الأساسي لهيئة المشي ووضعية الجسم (Posture & Gait), فيجب ملاحظة المشاكل في الفحصين السابقين بالإضافة إلى الانبطاح (Pronation) الزائد في كلا القدمين والذي يظهر على شكل القدم المسطحة (Flat Foot) الأمر الذي يؤدي إلى خلل في العضلة الأربية (Psoas) وبالتالي تداعيات ومضاعفات على الحجاب الحاجز بسبب الإرتباط بينهما. بالإضافة إلى وجوب فحص العضلتين الأربية والمربعة القطنية (Psoas & QL) عن وجود أي خلل وراثي فيهما ومعالجتهما بناءً على ذلك. “وسوف يتم الحديث بشكل أكبر عن القدم المسطحة في المرات القادمة”.

وكما ذكرت آنفاً, فإن الحجاب الحاجز متبط بالقفص الصدري, لذا يجب معالجة أي خلل في حركته الذي يتم عادةً بالعلاج الطبيعي (Physiotherapy). والعصب المغذي للحجاب الحاجز المسمى بالعصب الهائج (Phrenic Nerve) النابع من الجذور الرقبية الثالثة والرابعة والخامسة, لذا, فإن أي مشكلة في تلك الفقرات يجب معالجتها بالعلاج الطبيعي (Physiotherapy) أيضاً. وسيكون من الحكمة أيضاً فحص أول ثلاث فقرات قطنية بما أنه يرتبط بهن. ومن منظور العمود الفقري, فيجب فحص نقطة أتصال الفقرات الظهرية بالقطنية (T12 & L1) لأنها المنطقة التي غالباً ما تصبح فيها الحركة مقيدة (Restricted) مما يؤثر بالحجاب الحاجز, ولها خصوصية في موضوع آلام أسفل الظهر لأن محدودية الحركة فيها تجبر أسفل الظهر على التعويض بالتحرك بشكل مفرط مما يدي إلى عمليات الهدم (Degeneration) وفقدان الثباتية (Instability) وفتق في القرص القطني. وأخيراً, فيجب دائماً فحص الحوض لأنه يعمل كقاعدة وأساس للعمود الفقري. فإذا كان الأساس “متصدعاً” يصعب جداً على “الطوابق” الثبات فوقه.

بقي شيئ آخر, فنحتاج في بعض الأحيان إلى فحص الحجاب الحاجز مباشرةً. تذكر, أنه عضلة هيكلية مثله مثل أي عضلة أخرى يمكننا التعامل معه بالعلاج اليدوي (Mobilization & Manipulation) بطرق عدة ومختلفة أو بأجهزة العلاج الطبيعي المتخصصة.

إذا كنت قد عانيت من آلام في أسفل الظهر بدون أسباب واضحة وبدون شفاء بعد المحاولة بعدة طرق مختلفة, خذ بعين الإعتبار الحجاب الحاجز كمسبب له.

د. وائل المومني – إختصاصي علاج طبيعي